فصل: تفسير الآية رقم (47):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (33):

{قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)}
{أُولُو}
(33)- فَذَكَّرُوها بأَنَّهُمْ قَوخٌ ذَوُوْ عَدَدٍ وقُوَّةٍ، فإِذَا شَاءَتْ أَنْ تَقْصِدَ سليمانَ لِتُحَارِبَهُ فَهُمْ مَعَها، وَتَحْتَ أمْرِهَا، وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى ذَلك لأَنَّهُمْ ذَوُو عَدَدٍ وَعُدَّةٍ وَمَعْرِفَةٍ بالحَرْبِ، ثمَّ فَوَّضُوا الأمْرَ إِليْهَا لِتَتَصَرَّفَ حَسْبَما تَرى فِيهِ المصلحَةَ.
أولُو بأْسٍ- أَصْحَابُ قوةٍ وَبلاءٍ ونَجْدَةٍ في الحُروبِ.

.تفسير الآية رقم (34):

{قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)}
(34)- وأَدْرَكَتْ بَلقيسُ أنَّها لا طَاقَة لَها، ولا لِقَوْمِها، بحَرْبِ سليمانَ، وقدْ لاحَظَتْ ما سَخَّرَهُ اللهُ لَهُ، فقالَتْ لَهُمْ إِنَّهَا تَخْشَى أن يَمْتَنِعُوا عليهِ ويبادِرُوهُ بالعدَاءِ، فيَقصِدهُمْ، ويُهْلِكهُمْ بمنْ مَعَهُ، فَيحِل في بَلَدِهِمْ الخرابُ والدَّمارُ، فإِن الملوكَ إذا دَخَلُوا بَلَداً عَنْوَةً خَرَّبُوهُ وأفْسَدُوه، وجَعَلُوا كِرَامَ أهلِهِ مِنْ قَادَةٍ وكُبَراءَ وأُمَراءَ وشُرَفَاءَ.. أذلةً بالقتْلِ والأسْرِ، وهَذا ما يَفْعَلُونَهُ عَادَةً.

.تفسير الآية رقم (35):

{وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}
(35)- ثمَّ قَالَتْ لَهُمْ: الرَّأْيُ أنْ يَمِيلُوا إلى المَصَالَحَةِ، والمُسَالَمَةِ، وإنَّها سَتُرْسِلُ إلى سُليمانَ بِهَدِيَّةٍ تَلِيقُ بمِثْلِهِ، وسَيَنْظُرونَ حينئذٍ ماذَا سيكونُ عليهِ جوابُهُ، فَلَعَلَّهُ يَقْبَلُ ذَلِكَ، ويَكُفَّ أذَاهُ عَنْهُمْ. (وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: إنَّها قَالتْ لَهُمْ إِنْ قَبِلَ سُليمانُ الهَدِيَّةَ فهو مَلِكٌ فَقَاتِلُوهُ، وإنِ لَمْ يَقْبَلْهَا فَهُوَ نَبِيّ فاتّبِعُوهُ، لأنَّ النبيَّ لا يَقْبَلُ منْهُم إِلا اتِّباعَ دِينِهِ).

.تفسير الآية رقم (36):

{فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)}
{سُلَيْمَانَ} {آتَانِيَ} {آتَاكُمْ}
(36)- وأَرْسَلَتْ إلى سُلَيْمَانَ بالهَدِيَّةِ فَلَمْ يهتَمَّ بِهَا، وَقَالَ لِمَنْ حَمَلَ إليهِ الهَدِيَّةَ: إنَّكُمْ تُرِيدُونَ بهذِهِ الهَدِيَّةِ مُصَانَعتِي عَلى مَالٍ لأَتْرُكَكُمْ، فما أعْطَانِي اللهُ، مِنَ المالِ والمُلْكِ والجُنُودِ، خَيْرٌ ممَّا آتَاكُمْ وممَّا أنتُمْ فِيهِ وأَنتمُ الذين تَهْتَمُّونَ بالهَدايا والتُّحَفِ، وتَنْقَادُونَ إليْهَا، وَتَفْرَحُونَ بِهَا، أمَّا أنا فلا أقْبَلُ مِنْكُمْ إِلاّ الإِسلامَ أَوِ السَّيفَ.

.تفسير الآية رقم (37):

{ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)}
{صَاغِرُونَ}
(37)- ثُمَّ أمَرَ سليمانُ الرَّسُولَ بأنْ يرجِعَ إلى بلْقِيسَ، مَعَ جَوابِ سُليمانَ، سَمِعتْ وَأَطَاعَتْ هيَ وقومُهَا، وَسَارَتْ إِليهِ بِجَيْشِهَا وجنودِهَا خاضِعَةً لأَمرِ سُلَيمانَ، وَرَاغِبَةً في مُتَابَعَتِهِ عَلى دِينِهِ، وأَرسَلَتْ تُخبِرُ سُلَيمانَ بقُدُومِها عَلَيهِ.
لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا- لا طَاقَةَ لَهُمْ بمقاوَمَتِها.
صَاغِرُون- ذَلِيلُونَ مَقْهُورُونَ.

.تفسير الآية رقم (38):

{قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)}
{ياأيها} {الملأ}
(38)- ولما تَحقَّقَ سُليمانُ مِنْ قُدُومِهِمْ عَلَيهِ طَائِعينَ مُسْتَسلِمينَ فَرِحَ وَكَانَ الهُدْهُدُ قَدْ وَصَفَ لَهُ كُرْسِيَّ المُلْكِ الذي تَجلِسُ بلْقيسُ عَليهِ، وَمَا هُوَ عَليهِ مِنَ الرَّوْعَةِ والبَهَاءِ، فأعجَبَهُ، وَخَافَ أَنَّهُمْ إِنْ أَتَوْهُ مُسْلِمِينَ أَنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أخْذَهُ بَعدَ ذَلكَ، فَجَمَعَ مَنْ تَحْتً يدِهِ منَ الإِنْسِ والجِنِّ وسَألَهُمْ مَنْ مِنْهُمْ يَستطيعُ أنْ يحمِلَ إليهِ عَرْشَها قَبْلَ أَنْ يَأْتُوه مُسْلِمِينَ؟ لِيُريَهَا بَعْضَ مَا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عليهِ مِنَ القُدْرَةِ والعَجَائِبِ، لِتَعرِفَ صِدْقَ نُبوَّتِهِ.

.تفسير الآية رقم (39):

{قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39)}
{آتِيكَ}
(39)- فَقَالَ لَهُ مَارِدٌ مِنَ الجِنِّ إِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يأْتيَهُ بالعَرْشِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ هَذا، وَإِنَّهُ قويٌ عَلى حَمْلِهِ، أَمينٌ عَلَى مَا فِيهِ منَ الجَواهِرِ.

.تفسير الآية رقم (40):

{قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)}
{الكتاب} {آتِيكَ} {رَآهُ} {أَأَشْكُرُ}
(40)- فَقَالَ سُليمانُ لجماعَتِهِ إِنهُ يريدُ أَنْ يأتُوهُ بهِ بأَسرَعَ منْ ذلِكَ، فقالَ لهُ رَجُل يعرفُ اسمَ اللهِ الأَعْظَمِ (عندَهُ عِلمٌ منَ الكِتابِ) إِنهُ مُسْتَعِدٌّ أنْ يأتِيَهُ بهِ قَبْلَ أن تَطْرِفَ عينُهُ وَدَعَا الرّجلُ باسْمِ اللهِ الأَعْظَمِ، فمَثلَ العَرْشُ بينَ يَديْ سُلَيمانَ فَلَمَّا رَآهُ سُليمان ومَنْ حَوْلَهُ مُسْتَقِراً بينَ أيديهمْ قالَ سليمانُ: هذَا مِنْ نِعَمِ اللهِ عليَّ لِيَخْتَبِرَنِي رَبِّي أَأَشْكُرُهُ عَلى نِعَمِهِ أمْ أكفرُ بها؟ ومنْ شَكَرَ وَعَمِلَ صَالحاً فلنفْسِهِ، ومَنْ كَفَرَ فَعَليهِ كُفرُهُ، وَاللهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عنِ العِبادِ، وعَنْ عبادَتِهِمْ.
(وقِيل بَلِ المعْنى هُوَ: أَنَّ سُلَيمانَ قَالَ لِلجِنِّيِّ أنَا أُحْضِرُهُ في لَمْحِ البَصَرِ، وَكَانَ كَما قَالَ، فلما رآهُ أمَامَهُ شَكَرَ ربَّهُ، والأوَّلُ أظهرُ).
الذي عندَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ- رَجُلٌ أَوْ مَلَكٌ يَعْلَمُ اسْمَ اللهِ الأَعظَمَ يرتَدُّ إليكَ طَرْفُكَ- قَبْلَ أَنْ تُغْمِضَ عَينَكَ ثُمَّ تَفتَحَها.
ليبلوَني- ليَخْتَبِرَني ويَمْتَحِنَنِي.

.تفسير الآية رقم (41):

{قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41)}
(41)- فأمَرَ سُلَيمانُ بأَنْ يُجْرُوا بَعْضَ التَّغْيِيرِ في هَيئَةِ عَرْشِ بلْقِيسَ ليخْتَبِرَ مَعْرَفَتَهَا، وَثَبَاتَها، عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، وَهَلْ تَستطيعُ أنْ تعرِفَ عَرْشَهَا إذا بُدِّلَ فِيهِ وَنُكِّرَ، أمْ لا تَسْتَطيعُ ذَلِكَ.
نَكِّرُوا- غَيِّرُوا فيهِ وبَدِّلُوا.

.تفسير الآية رقم (42):

{فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42)}
(42)- فَلَما وصلتْ بِلقيسُ إِلى سُلَيمانَ، عَرَضَ عليهَا عَرْشَهَا وَقَد غُيِّرَ فيهِ، ونُكِّرَ، وزِيْدَ فيهِ، فَسَأَلها أهَكَذا عرشُكِ؟ ولكِنَّها اسْتَبْعَدَتْ أن يُحْمَلَ عرشُهَا مِنْ تلكَ المَسافاتِ البَعيدةِ، فقالتْ كأَنَّهُ هُوَ، فهُوَ يُشْبِهُهُ ويُقَارِبُه وقيل إِنَّ جَوَابَها هَذا دَليلٌ على رَجَاحَةِ عَقْلِهَا، وفِطْنَتِها وَدَهَائِها، وثباتِ قَلْبَهَا.
وَقَالَ سليمانُ إِنَّهُ أُوتِيَ العِلمَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَهُ بِلْقِيسُ، وإِنَّهُ كَانَ مِنَ المسلِمينَ أَيضاً.
(وقيلَ إِنَّ معْنَى قولِهِ تَعَالى {وَأُوتِينَا العلم مِن قَبْلِهَا} هُوَ أَنَّ سُليمانَ أرادَ بِذَلِكَ اخْتِبَارَ رَجَاحَةِ عَقْلِهَا، وإِظهارَ المُعْجِزَةِ لَها، فقالَتْ: لَقَدْ أُوُتِينَا العلمَ بكمَالِ قُدْرَةِ اللهِ، وصِدْقِ نُبُوَّتِكَ، مِنْ قَبْلِ هَذه المُعْجِزَةِ، بما شَاهَدْنَاه من أمر الهُدْهُدِ، وبِما سَمِعْنَاهُ من رُسُلِنَا إليكَ من الآياتِ الدَّالَةِ على ذلِكَ، وكنَّا مُنْقَادِينَ لَكَ مُنْذُ ذَلكَ الحِينِ، فَلا حَاجَةَ بِنَا إلى إظْهَارِ مَزِيدٍ من المُعْجِزَاتِ الأُخْرَى).

.تفسير الآية رقم (43):

{وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)}
{كَافِرِينَ}
(43)- أمَّا هيَ فَقَدْ صَدَّها عنِ الإِيمانِ باللهِ، وعَنِ الإِسْلامِ إليهِ، ما كَانَتْ هِيَ وقَومُها يَعْبُدونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ، وَكَانوا كَافرين.

.تفسير الآية رقم (44):

{قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)}
{سُلَيْمَانَ} {العالمين}
(44)- كانَ سليمانُ عليهِ السلامُ قد أمَرَ الشَّياطينَ فَبَنَوْا لَها قَصْراً (صَرْحاً) عَظيماً من زُجَاجٍ، أُجِريَ الماءُ من تحتِهِ، فمَنْ لا يَعْرِفُ أَمْرَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ ماءٌ، ولكنَّ الزُّجَاجَ يَحُولُ بينَ الماءِ وبينَ الماشي. ثمَّ قالَ لها سليمانُ: ادْخُلِي الصَّرْحَ لِيُرِيَها مُلْكاً أعَزَّ من مُلْكِها، وسُلْطَاناً أعْظَمَ من سُلْطَانِها، فَلَمّا رأتِ الماءَ تَحْتَ الزُّجَاجِ ظَنَّتْ أنَّهَا سَتَخُوضُ فيهِ، فَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْها لِتَخُوضُ فقَالَ لَها سُليمانُ إِنَّهُ زُجَاجُ، وليسَ ماء، فلَمَّا وقَفَتْ عَلَى سليمانَ عَاتَبهَا على عِبَادَةِ الشَّمسِ مِنْ دُونِ اللهِ، وَدَعَاهَا إِلى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، فأسْلَمَتْ وحَسُنَ إسِلامُها، واتَّبعَتْ دينَ سُليمانَ، وَقَالَتْ: رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي بعِبَادَةِ الشَّمسِ، وبِاغْتِرَارِي بِمُلْكِي، وأسْلَمْتُ مَعَ سُليمانَ للهِ ربِّ العالمينَ، وخالقِ كلِّ شيءٍ.
الصَّرْحُ- القَصْرُ أَوِ البِنَاءُ المُرْتَفِعُ.
مُمرَّدٌ- مُملَّسٌ مُسَوَّى.
لُجَّةً- مَاءً غَزيراً أو عَمِيقاً.
مِن قَواريرَ- من زجاجٍ شَفَّافٍ.

.تفسير الآية رقم (45):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}
{صَالِحاً}
(45)- يُخْبِرُ اللهُ تَعالى عَنْ قَوْمِ ثَمودَ وما كانَ من أَمرهمْ مَعَ نبيِّهِمْ صَالحٍ عليهِ السلامُ. حينَ بَعَثَهُ اللهُ إليهم فدعاهُمْ إلى عِبَادَةِ اللهِ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ، فآمنَ بهِ، بعضُهُمْ، وكَفَرَ بِهِ بعضُهُمْ، وأصْبَحُوا فَرِيقينِ يخْتَصِمَانِ ويتَجَادَلانِ في اللهِ، وفي رسالةِ صالحٍ.

.تفسير الآية رقم (46):

{قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)}
{ياقوم}
(46)- فقالَ لهُمْ صالحٌ: لماذا تطلبونَ أنْ يُنْزِلَ اللهُ بكُم عقابَهُ وعذابَهُ، ولا تَطْلُبُونَ منَ اللهِ الرَّحْمَة؟ فَهَلا تُبْتُمْ مِنْ كُفْرِكُمْ إليهِ تَعَالى، واستَغْفَرْتُمُوهُ وسَأَلْتُمُوهُ العَفْوَ لَعَلَّهُ يَغْفِرُ لكُمْ ويَرحَمُكُمْ؟

.تفسير الآية رقم (47):

{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}
{طَائِرُكُمْ}
(47)- فَقَالُوا لَهُ: إنَّهم تَشَاءَمُوا مِنْ وُجُودِهِ بينَهُمْ، ومِنْ وُجُودِ مَنْ آمَنَ مِنْ قومِهِ (أيْ تَطَيَّرُوا بِهِمْ). فَقَالَ لهُمْ صَالِحٌ عليهِ السَّلامُ: إِنَّ مَا يُصِيبُكُمْ من خَيْرٍ أو شَرّ مكْتُوبٌ عندَ اللهِ، وهُوَ بقَضَائِهِ وقَدَرِهِ، وليسَ شيءٌ منهُ بِيَدِ غيرهِ تَعالى، فَهُوَ إنْ شَاءَ رَزَقَكُمْ وإن شَاءَ حَرَمَكُمْ. ولكنَّكُمْ قومٌ يختَبِرُكُمْ ربُّكُمْ حينَ أرْسَلنِي إليكُمْ لِيَرَى: أتُطِيعُونَهُ فَتَعْمَلُوا بما أَمَرَكُمْ بهِ، فَتَنَالُوا ثَوَابَهُ، أمْ تَعْصُونَهُ فَتَعْمَلُوا ما نَهَاكُمْ عنهُ، فَيَحِلُّ بِكُمْ عِقَابُهُ.
اطَّيَّرْنَا- تَطَيَّرْنَا وَتَشَاءَمْنَا إذْ أُصِبْنَا بالشَّدَائِدِ.
طَائِرُكُمْ عِنْدَ الله- شُؤْمُكُمْ عمَلُكُم المكتوبُ عليكُمْ عندَ اللهِ.
قَومٌ تُفْتَنُونَ- قَوْمٌ يفتِنُكُم الشَّيَطانُ بِوَسْوَسَتِهِ.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}
(48)- وَكَانَ في مَدينةِ الحِجْرِ (وهِيَ مَدِينَةُ ثمودَ) تِسعةُ أفرادٍ (رَهْطٍ) مُجْرِمينَ طُغَاةٍ، وكانُوا همْ دُعَاةَ قَوْمِهِمْ إلى الكُفْرِ والضَّلالِ، وكانَ من عادَتِهِمُ الإِفسادُ في الأَرضِ، والأَمرُ بالفَسَادِ والضَّلالِ، ولَمْ يَكُونوا منَ المُصلِحِينَ، وقَدْ غَلَبُوا على قَومِهِمْ لأَنهمْ منْ رُؤَسائِهِم وَكُبَرائهِم، وَهُم الذِينَ عَقَرُوا النَّاقَةَ، وَهَمُّوا بقَتْلِ صَالحٍ غِيْلَةً.
تِسْعَةُ رَهْطٍ- تِسْعَةُ أشْخَاصِ مِنَ الرُّؤَسَاءِ مَعاً كَأَنَّهُمْ رَهْطٌ.